سوريا 2025: تحديات القيادة الجديدة وآفاق المستقبل
يناقش المقال أبرز القضايا التي تواجه الحكومة المؤقتة والحلول الممكنة لتجاوز هذه التحديات، مع التركيز على أهمية الحوار الوطني، الإصلاح الدستوري، وإدارة العلاقات الدولية لضمان استقرار سوريا ومستقبلها الديمقراطي
سياسة
د. حسن غرة
1/2/2025


مع دخول سوريا عام 2025 تحت قيادة جديدة عقب سقوط نظام بشار الأسد، تواجه البلاد مجموعة من التحديات الكبرى التي ستختبر قدرة الحكومة المؤقتة على تحقيق الاستقرار وإعادة البناء. تسلط هذه المقالة الضوء على أبرز القضايا التي تواجه الإدارة الجديدة والحلول المحتملة للتعامل معها خلال العام المقبل.
الأمن والمصالحة الوطنية
تُعد استعادة الأمن وتعزيز المصالحة الوطنية من أهم الأولويات للقيادة الجديدة، حيث لا تزال سوريا منقسمة بشكل عميق على أسس طائفية وأيديولوجية، مع تنافس فصائل مسلحة متعددة على النفوذ والسيطرة.
1. نزع السلاح والدمج: يجب على الحكومة الجديدة إعطاء الأولوية لنزع سلاح الفصائل المسلحة المختلفة ودمجها في قوة أمنية وطنية موحدة. يشمل ذلك التعامل مع وضع مجموعات مثل قوات سوريا الديمقراطية ومنطقة السويداء وغيرها. سيكون برنامج شامل لنزع السلاح وإعادة الدمج ضروريًا لمنع نشوء سلطات متنافسة والحد من انتشار الأسلحة.
2. منع الانتقام: تواجه الحكومة تحديًا كبيرًا في منع أعمال الانتقام ضد مؤيدي النظام السابق. لذلك، وجب إنشاء نظام عدالة انتقالية عادل وشفاف سيكون أساسيًا لمعالجة المظالم السابقة ومنع تكرار دائرة الانتقام.
3. مكافحة التطرف: على الرغم من محاولات هيئة تحرير الشام إعادة تقديم نفسها، لا تزال المخاوف قائمة بشأن تأثير الأيديولوجيات المتطرفة في الهيكل الجديد للسلطة. يجب على الحكومة العمل على مواجهة هذه العناصر وإثبات التزامها بالحكم الشامل.
الشمولية السياسية والشرعية
بناء نظام سياسي شامل يمثل جميع مكونات المجتمع السوري يُعد أمرًا حاسمًا لتحقيق الاستقرار والاعتراف الدولي.
1. الحوار الوطني: يجب أن تعطي الحكومة الأولوية لتنظيم مؤتمر حوار وطني شامل، بهدف وضع هيكل حكومة انتقالية مبني على الكفاءة ويخدم جميع الأطراف السورية.
2. الإصلاح الدستوري: إعداد دستور جديد يرسخ المبادئ الديمقراطية ويحمي حقوق الجميع ويوفر إطارًا للانتخابات المستقبلية سيكون من المهام الأساسية لعام 2025.
3. الاعتراف الدولي: ينبغي على القيادة الجديدة العمل على كسب الشرعية الدولية من خلال معالجة المخاوف المتعلقة بماضيها، وإثبات التزامها بالمبادئ الديمقراطية. وسيكون تحقيق الشروط التي وضعتها الولايات المتحدة والدول الأخرى أمرًا حاسمًا لرفع العقوبات وتأمين الدعم الدبلوماسي.
التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار
تعرض الاقتصاد السوري لدمار شامل نتيجة سنوات الصراع، مما يجعل إعادة البناء مهمة شاقة للحكومة الجديدة.
1. استعادة الخدمات الأساسية: يجب التركيز بشكل فوري على إعادة توفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والرعاية الصحية لتحسين حياة المواطنين وتعزيز الثقة العامة.
2. جذب الاستثمارات: تحتاج الحكومة إلى خلق بيئة مستقرة تشجع عودة رجال الأعمال السوريين واستقطاب الاستثمارات الأجنبية الضرورية لإعادة الإعمار.
3. رفع العقوبات: سيكون العمل على رفع العقوبات الدولية أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق التعافي الاقتصادي. وسيتطلب ذلك الامتثال للمعايير الدولية ومعالجة المخاوف المتعلقة بمحاربة الجماعات الإرهابية.
عودة اللاجئين والنازحين
تيسير عودة الملايين من اللاجئين والنازحين داخليًا يشكل تحديًا رئيسيًا لعام 2025.
1. تهيئة الظروف الآمنة: يجب على الحكومة ضمان الأمن وتوفير الخدمات الأساسية في المناطق التي يُتوقع أن يعود إليها اللاجئون.
2. حل نزاعات الملكية: يتطلب ضمان العودة المستدامة تنفيذ آليات لحل نزاعات الملكية الناجمة عن سنوات النزوح.
العلاقات الإقليمية والدولية
إعادة بناء العلاقات الدولية والتعامل مع الديناميكيات الإقليمية المعقدة أمر حيوي لتحقيق الاستقرار وإعادة الإعمار.
1. التواصل الدبلوماسي: ينبغي على القيادة الجديدة مواصلة جهودها الدبلوماسية لتطبيع العلاقات مع الدول العربية والقوى الغربية.
2. إدارة النفوذ الخارجي: التعامل بحذر مع علاقات سوريا مع القوى الإقليمية مثل إيران وروسيا، والعمل على تقليص تدخلها في الشؤون السورية سيكون مهمة حساسة ولكنها ضرورية.
الخاتمة
التحديات التي تواجه القيادة السورية الجديدة في عام 2025 هائلة، بدءًا من قضايا الأمن والمصالحة إلى إعادة الإعمار والاعتراف الدولي. يعتمد النجاح على قدرة الحكومة المؤقتة على بناء مؤسسات شاملة، ومعالجة الانقسامات الطائفية، وإظهار التزام حقيقي بالإصلاح الديمقراطي. ورغم صعوبة الطريق، هناك تفاؤل حذر بأن القيادة الحكيمة والدعم الدولي يمكن أن يضعا سوريا على طريق الاستقرار والازدهار.