رسم مستقبل سوريا الديمقراطي: خارطة طريق للانتخابات بعد الأسد

هذه الخطة تمنح الأمل لسوريا ببناء نظام ديمقراطي شامل ومستقر يعكس تطلعات شعبها نحو مستقبل أكثر إشراقًا

سياسة

د. حسن غرة

12/21/2024

رسم مستقبل سوريا الديمقراطي: خريطة طريق للانتخابات بعد الأسد
رسم مستقبل سوريا الديمقراطي: خريطة طريق للانتخابات بعد الأسد

في أعقاب سقوط بشار الأسد عن السلطة، تقف سوريا عند مفترق طرق حاسم. إن صعود الثوار إلى القيادة يحمل معه المهمة الضخمة المتمثلة في الانتقال من الصراع إلى الديمقراطية. وتتمثل النقطة المحورية في هذا الانتقال في السؤال عن متى وكيف يمكن عقد انتخابات شرعية ومواتية للاستقرار على المدى الطويل.

نهج تدريجي للديمقراطية

ينادي الخبراء في عمليات الانتقال بعد الصراع بعملية انتخابية متسلسلة بعناية تمتد لنحو عامين. ويهدف هذا النهج المدروس إلى بناء أسس ديمقراطية من القاعدة إلى القمة، بدءاً بالحكم المحلي وانتهاءً بالانتخابات الوطنية.

الجدول الزمني المقترح هو كما يلي:

1. الانتخابات البلدية المحلية (6-8 أشهر بعد تغيير النظام)

2. انتخابات المحافظات والجمعية التأسيسية (12 شهرًا)

3. الاستفتاء الدستوري (18 شهرًا)

4. الانتخابات التشريعية الوطنية (24 شهرًا)

يتيح هذا التنفيذ التدريجي اختبار وتحسين العمليات الانتخابية، وتطوير الأحزاب السياسية، وتنمية المشاركة المدنية على مختلف مستويات الحكم.

بناء أسس الانتخابات النزيهة

يتوقف نجاح خريطة الطريق الانتخابية هذه على تلبية العديد من الشروط الحاسمة:

1. الأمن أولاً: يعد استقرار الوضع الأمني ​​أمرًا بالغ الأهمية. وهذا يتضمن تنفيذ اتفاقيات وقف إطلاق النار، ونزع سلاح الميليشيات، وإنشاء قوة أمنية محايدة للحفاظ على النظام أثناء العملية الانتخابية.

2. الإطار القانوني والمؤسسي: يجب اعتماد دستور مؤقت، على أساس النموذج الديمقراطي السوري لعام 1950. بالإضافة إلى ذلك، فإن إنشاء لجنة انتخابية سورية مستقلة أمر بالغ الأهمية لإدارة العملية الانتخابية بمصداقية وكفاءة.

3. المشاركة المدنية والتنمية السياسية: يجب إتاحة الوقت لظهور أحزاب سياسية متنوعة ونمو منظمات المجتمع المدني. وتعتبر حملات توعية الناخبين وعملية تسجيل الناخبين الشاملة ضرورية لضمان المشاركة الواسعة والمستنيرة.

4. الدعم الدولي: إن مشاركة المراقبين الدوليين والمساعدة الفنية من المجتمع العالمي من شأنها أن تمنح العملية مصداقية وتوفر الموارد اللازمة.

موازنة السرعة والاستقرار

في حين قد تكون هناك ضغوط للتسرع نحو الانتخابات الوطنية، يحذر الخبراء من التحرك بسرعة كبيرة. يسمح الجدول الزمني المقترح لمدة عامين بما يلي:

- تشكيل حكومة انتقالية تضمن تطوير مؤسسات ديمقراطية قوية

- معالجة الانقسامات المجتمعية من خلال جهود المصالحة

- إرساء الاستقرار الاقتصادي لدعم الانتقال

التحديات المقبلة

لن يخلو تنفيذ خريطة الطريق الانتخابية هذه من التحديات. يتعين على سوريا أن تتعامل مع قضايا معقدة مثل:

- ضمان إشراك السكان النازحين واللاجئين في العملية الانتخابية

- معالجة المفسدين المحتملين الذين قد يسعون إلى إفشال التحول الديمقراطي

- إيجاد التوازن بين الحاجة إلى العدالة وضرورة المصالحة الوطنية

رؤية لمستقبل سوريا

من خلال الالتزام بهذه الخطة المصممة بعناية، تتاح لسوريا الفرصة لبناء نظام ديمقراطي مستقر وممثل لسكانها المتنوعين. إن نجاح هذا التحول يمكن أن يكون نموذجًا للدول الأخرى الخارجة من الصراع، مما يدل على أنه بالصبر والتخطيط والدعم الدولي، يمكن الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية.

مع انطلاق سوريا في هذه الرحلة الصعبة، ستراقبها أعين العالم. ستكون الأشهر والسنوات القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت البلاد قادرة على تحويل المكاسب التي حققها الثوار بدمائهم إلى مستقبل ديمقراطي دائم لجميع السوريين.