خارطة طريق للحكومة الانتقالية في سوريا خلال المئة يوم الأولى بعد الأسد
خارطة طريق شاملة تسلط الضوء على أولويات الحكومة الانتقالية في سوريا خلال المئة يوم الأولى بعد سقوط نظام الأسد
سياسة
د. حسن غرة
12/12/2024


استناداً إلى الوضع الحالي في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد، نستطيع أن نرسم الخطوط العريضة لخطة الأولويات الرئيسية للحكومة الانتقالية السورية خلال الشهور الثلاثة المقبلة. وتركز هذه الخطة على مجالات رئيسية تتطلب اهتماماً فورياً لتحقيق الاستقرار في البلاد وإرساء الأساس لمستقبل أكثر ديمقراطية.
1. الاستقرار والأمن الفوري
يجب أن تكون الأولوية الأولى للحكومة الانتقالية هي إرساء النظام والحفاظ عليه في مختلف أنحاء البلاد، وخاصة في المناطق المحررة حديثاً.
- إعادة تنظيم قوات الأمن: دمج الأعضاء الراغبين في الانضمام إلى الأجهزة العسكرية والأمنية للنظام السابق في قوة أمن وطنية جديدة، مع ضمان الفحص السليم لاستبعاد المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان. وهذا من شأنه أن يساعد في الحفاظ على الاستقرار ومنع الفراغ الأمني.
- نزع السلاح والتسريح: تنفيذ برنامج لنزع سلاح وتسريح الجماعات المسلحة المختلفة، وتقديم الحوافز للاندماج السلمي في الحياة المدنية أو قوات الأمن الوطنية الجديدة.
- السيطرة على الحدود: تأمين حدود سوريا لمنع التدخل الخارجي وتدفق العناصر المتطرفة التي قد تزعزع استقرار عملية الانتقال.
2. الحوكمة وبناء المؤسسات
إنشاء هياكل حوكمة شرعية أمر بالغ الأهمية لاستقرار البلاد ومستقبلها.
- تشكيل الحكومة الانتقالية: استكمال تشكيل حكومة انتقالية شاملة تمثل مختلف الفصائل والمجموعات العرقية ما أمكن. الجدير بالذكر أن فعالية الحكومة كسلطة تنفيذية تتطلب تناغم وتجانس بين وزراء الحكومة مما يجعل تطبيق هذه النظرية تحديا كبيرا خصوصا في الظروف الراهنة في سوريا. عادة ما يكون تمثيل الطوائف في البرلمان.
- الحوكمة المحلية: تمكين المجالس المحلية من إدارة الشؤون اليومية في مناطقها، وتعزيز اللامركزية ومعالجة الاحتياجات المحلية بشكل أكثر فعالية.
- الإصلاح المؤسسي: بدء عملية إصلاح المؤسسات الرئيسية، بما في ذلك القضاء، لضمان استقلالها وفعاليتها في سوريا ما بعد الأسد.
3. المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية
إن معالجة الاحتياجات الفورية للشعب السوري أمر ضروري للحفاظ على الدعم الشعبي والاستقرار.
- استعادة الخدمات الأساسية: إعطاء الأولوية لاستعادة خدمات الكهرباء والمياه والرعاية الصحية في المناطق التي تعطلت فيها.
- توزيع المساعدات الإنسانية: التنسيق مع المنظمات الدولية لضمان التوزيع الفعّال للمساعدات على المحتاجين، وخاصة في المناطق التي كانت محاصرة في السابق.
- دعم اللاجئين والنازحين داخليًا: وضع خطة شاملة للعودة الآمنة للاجئين والنازحين داخليًا، بما في ذلك توفير السكن والاحتياجات الأساسية.
4. الاستقرار الاقتصادي
إن التدابير الاقتصادية الفورية ضرورية لمنع المزيد من التدهور وإرساء الأساس للتعافي.
- استقرار العملة: العمل مع المؤسسات المالية الدولية لتثبيت الليرة السورية ومنع الانهيار الاقتصادي.
- إمدادات السلع الأساسية: ضمان إمداد ثابت من السلع الأساسية، بما في ذلك الغذاء والوقود، لمنع النقص وارتفاع الأسعار.
- مفاوضات تخفيف العقوبات: الانخراط مع المجتمع الدولي للتفاوض على رفع العقوبات، وهو أمر بالغ الأهمية للتعافي الاقتصادي.
5. المصالحة والعدالة
إن معالجة المظالم الماضية وتعزيز الوحدة الوطنية أمر حيوي لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل.
- آلية العدالة الانتقالية: إنشاء إطار لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت أثناء الصراع، وموازنة الحاجة إلى العدالة مع ضرورة المصالحة الوطنية.
- برنامج العفو: تنفيذ برنامج عفو مصمم بعناية للمسؤولين من المستوى الأدنى والمقاتلين من النظام السابق، باستثناء المتورطين في جرائم خطيرة.
- الحوار الوطني: بدء عملية حوار وطني واسعة النطاق لمعالجة المظالم وبناء الإجماع حول مستقبل البلاد.
6. العلاقات الدولية والدبلوماسية
إن التعامل مع المجتمع الدولي أمر بالغ الأهمية لإعادة دمج سوريا ودعمها.
- التواصل الدبلوماسي: إعادة تأسيس العلاقات الدبلوماسية مع القوى الإقليمية والدولية الرئيسية، والسعي إلى الحصول على الدعم لعملية الانتقال.
- المشاركة الأممية: العمل بشكل وثيق مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا لتنفيذ عملية الانتقال الموضحة بناء على المبادئ الأساسية لقرار الأمم المتحدة رقم 2254.
- التعاون الأمني الإقليمي: التواصل مع الدول المجاورة لمعالجة المخاوف الأمنية المتبادلة ومنع التدخل الخارجي في شؤون سوريا.
الخلاصة
ستكون الأيام المائة الأولى للحكومة الانتقالية السورية حاسمة في تحديد نغمة مستقبل البلاد. من خلال التركيز على هذه الأولويات، يمكن للقيادة الجديدة العمل على استقرار البلاد، ومعالجة الاحتياجات الإنسانية الفورية، ووضع الأساس لسوريا أكثر ديمقراطية وازدهارًا. ومع ذلك، فإن نجاح هذا الانتقال سيعتمد على قدرة الفصائل المختلفة على العمل معًا، ودعم المجتمع الدولي، وصبر الشعب السوري وقدرته على الصمود.