من إدلب إلى القيادة الوطنية: مفاهيم ريادية في رحلة أحمد الشرع

يستعرض المقال رحلة أحمد الشرع من قائد عسكري في إدلب إلى قائد فعلي للحكومة السورية المؤقتة، وكيف استخدم مفاهيم ريادية مثل ملاءمة المنتج للسوق والتطوير التدريجي في بناء نموذج حكم جديد

أخرى

د. حسن غرة

1/7/2025

من إدلب إلى القيادة الوطنية: مفاهيم ريادية في رحلة أحمد الشرع
من إدلب إلى القيادة الوطنية: مفاهيم ريادية في رحلة أحمد الشرع

رحلة أحمد الشرع من قائد عسكري في إدلب إلى القائد الفعلي للحكومة السورية المؤقتة تحمل في طياتها مفاهيم ريادية مذهلة مثل ملاءمة المنتج للسوق (product-market fit) والتطوير التدريجي (iterations).

إدلب: أرضية اختبار الأفكار

في إدلب، أدار أحمد الشرع نسخة "تجريبية" من الحكومة من خلال مجموعته هيئة تحرير الشام. يمكن اعتبار هذه المرحلة بمثابة النسخة الأولية القابلة للتطبيق (MVP) لحكمه، حيث اختبر نموذجه الإداري في بيئة محدودة.

1. تطوير النموذج:
عمل الشرع على توطيد السلطة والقضاء على المنافسين، تمامًا كما تفعل الشركات الناشئة عند تعديل وتحسين منتجاتها. حاول أيضًا تحسين صورته المتطرفة عند الغرب بالحديث عن بناء المؤسسات الحكومية.

2. بحث السوق:
من خلال إدارة حكومة الإنقاذ في إدلب، تمكن الشرع من جمع بيانات قيمة عن تحديات الحكم واحتياجات الجمهور.

3. النهج التدريجي:
قيادته في إدلب أظهرت اتباعه نهجًا يعتمد على تحديد المشكلات بشكل تدريجي وحلها عبر مراحل:

أ- تحديد المشاكل الرئيسية في النظام القائم.

ب- خلق بيئة تجريبية داخل إدلب.

ت- تأسيس قنوات تغذية راجعة من خلال زيادة تواصله مع الجمهور ووسائل الإعلام.

ث- تعديل استراتيجيته بناءً على ردود الفعل العامة، كما ظهر في تعامله مع احتجاجات "إسقاط الجولاني".

التوسع: من إدلب إلى سوريا

مع سقوط حكومة الأسد، يسعى الشرع الآن إلى توسيع "منتجه" ليشمل مستوى وطني. هذا الانتقال يمكن النظر إليه من خلال مفهوم ملاءمة المنتج للسوق والتطوير التدريجي.

1. ملاءمة المنتج للسوق:
نجاح الشرع في الإطاحة بالأسد يشير إلى أن نموذجه في الحكم قد حقق درجة من التوافق مع تطلعات الشعب السوري. تركيزه على الحكم المؤسسي واللامركزية عن طريق إنشاء إدارات ومجالس محلية تتماشى مع رغبات السكان المنهكين من الحرب والتوقعات الدولية.

2. التطوير التدريجي:
تأسيس الحكومة المؤقتة يمثل خطوة جديدة في تطوير نموذج الشرع للحكم:

أ. تحديد المشكلة: إدراك الحاجة إلى هيكل حكومي موحد وشامل.

ب. تصميم الحل: عقد اجتماعات لدمج مختلف الفصائل في قيادة موحدة.

ت. التنفيذ: التخطيط لعقد مؤتمر وطني سوري لتأسيس هيكل الحكم الجديد.

ث. التغذية الراجعة والتكيّف: التواصل مع الفاعلين الدوليين والمجتمع المدني لتحسين النموذج الحكومي.

التحديات الريادية

مع توسع نموذج حكمه، يواجه الشرع تحديات تشبه تلك التي تواجه الشركات الناشئة في مرحلة النمو السريع:

1. التوسع السوقي: الانتقال من الحكم الإقليمي (إدلب) إلى الحكم الوطني.

2. إدارة الأطراف المعنية: موازنة المصالح المتنوعة (stakeholders) بين الفصائل المتمردة والمجتمع المدني والفاعلين الدوليين.

3. إعادة بناء العلامة: الاستمرار في تحسين صورته والابتعاد عن ماضيه المتطرف المتصور من الغرب.

4. المنافسة: التعامل مع الفصائل المنافسة أو المعارضة المتجددة.

الخاتمة

رحلة أحمد الشرع من إدلب إلى القيادة الوطنية تسلط الضوء على مبادئ ريادية أساسية:

- التعلم المستمر: استخدام إدلب كأرض اختبار للأفكار الحكومية.

- التحوّل الاستراتيجي: الانتقال (pivot) من قيادة ثورية إلى بناء دولة.

- التوسع التدريجي: الانتقال من الحكم الإقليمي إلى الحكم الوطني.

- التطوير التدريجي: التكيف المستمر مع ردود الفعل والظروف المتغيرة.

نجاح الشرع في بناء دولة ديمقراطية يعتمد على قدرته على تحسين النموذج باستمرار، تحقيق توافق أوسع مع الشعب، وإدارة المشهد السياسي المعقد في سوريا.